للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ... (٤٣)

* * *

الاستفهام هنا للتعجب واستنكار حالهم، أي أن حالهم حال مستنكرة. عندهم النص الصريح في القضية التي يتحاكمون فيها، ومع ذلك يلتمسون الحكم في غير ما عندهم رجاء أن يكون على ما يهوون ويبتغون، وإن كان غير ما يؤمنون فهم ممن اتخذ إلهه هواه، وممن يريدون أن يتبع الحق أهواءهم، لَا أن تكون أهواؤهم تابعة للحق تسير في مداره، ولا تخرج عن إطاره، والتعجب والاستنكار يتجهان إلى أمرين:

أولهما - أنهم يتحاكمون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أن الحكم عندهم في التوراة صريح لَا مجال للريب، فلماذا يعدلون عن تنفيذ ما عندهم إلى طلب شيء عند النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أن يكونوا مؤمنين بصدق ما جاء به، وذلك لم يكن منهم.

والأمر التالي - الذي هو موضوع الاستنكار والعجب أنهم يطلبون من النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يعرضون من بعد بيانه لهم. فهم متناقضون في جملة أحوالهم يطلبون الحكم ممن لَا يؤمنون بدعوته، مع أن الحكم صريح فيما يؤمنون ثم يعرضون عن الحكم الذي يتلاءم مع ما عندهم.

ويلاحظ أن القرآن الكريم يقرر أن التوراة فيها حكم الله في المسألة التي يختصمون إلى النبي عليه الصلاة والسلام في أمرها، فهي تصديق للتوراة في تلك الجزئية، وهي إقامة حد الزنى دون غيرها، فليس لأحد أن يحتج بأن القرآن يقر أحكام التوراة اقى كانت بأيدي اليهود في عصر النبي عليه الصلاة والسلام والتي بأيديهم في هذه الأيام، فإن تصديق ما بأيديهم في جزئية من الجزئيات لَا يقتضي

<<  <  ج: ص:  >  >>