للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ... (٢٩)

أي أنه سبحانه وتعالى خلق لكم معشر بني آدم الأرض، وما فيها جميعا، خلق لكم كل ما في الأرض من ثمرات وزروع تنبت بإذن الله تعالى، وما يستنبطون من فلزات، ومعادن سائلة وجامدة، خلق لكم جميعا، كل ما في الأرض مما حوت بطونها، وجرت به أنهارها، ونزَّل من السماء ماءها. ومعنى (لَكُم) اللام فيه للاختصاص أو التمليك، خلقه مملوكا لكم بتمليك ربكم، وهذا من آلائه ونعمه عليكم، أو نقول خلق وقدَّر وأنشأ كل ما في الأرض جميعه، لأجل أن تنتفعوا به؛ تستطيبون طيباته، وتتركون خبائثه، وجاءكم بالشرائع التي تبين لكم الطيب فتتناولونه مباحا لكم حلالا طيبا، وتبين الخبائث لتجتنبوها، فأنتم في نعم الله دائما في هذه الأرض، جعلها فراشا، وملأها بالنعم على ظاهرها، وفيما اكتنزته بطونها، وبين الطيب ليميز عنه الخبيث.

وهنا كلمتان لابد من ذكرهما:

أولاهما - ما قرره العلماء من أن هذه الآية تدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما ثبت بالدليل منعه، فكل شيء مباح بحكم الإباحة الأصلية التي ثبتت بأن الله تعالى خلق للناس ما في الأرض جميعا لينتفعوا به، وما كانوا لينتفعوا بهذه الأشياء إلا إذا كان قد أباحها، واستثنى الأكثرون العلاقة بين الرجل والمرأة، فإنها على المنع إلا أن يكون السبب المبيح، وإن ذلك لَا يمنع أن الأشياء مباحة في أصلها، فالتنظيم بالزواج لَا يمنع الإباحة.

وإن الأمر فيما، يطلبون متروك عند الإباحة إلى ما يجدون من متعة يستمتعون بها أو أمرا حسنا يستحسنونه، وهذا مبني على أن الأشياء لها حسن ذاتي وقبح،

<<  <  ج: ص:  >  >>