للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا لَا يستلزم أن يكون التكليف قائما على الاستحسان أو الاستهجان، إنما التكليف من أمر الله ونهيه.

الكلمة الثانية - أن قوله تعالى: (جَمِيعًا) متعلقة بما في الأرض أي أنه جميعه لكم معشر الناس، فليس لكم بعضه دون بعضه، بل هو لكم كله، لأجلكم، تنعمون به، وتعبدون الله تعالى على آلائه، فهو يؤدي إلى أن تكون هذه الملكية التي منحها الله تعالى لكم لتشكروها، ولتعبدوه بهذا الشكر، كقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

ولا يتبادر إلى الذهن أنها تأكيد لقوله تعالى: (لَكُم). أي أن الله تعالى خلق الأشياء لكم جميعا، فلا ينفرد قبيل دون قبيل، ولا جماعة دون جماعة، ولا قوم دون قوم، ولا غني دون فقير.

وإننا لَا نرى ذلك - أولا: لأن ذلك بعيد في اللفظ لأن التأكيد يكون للقريب، والقريب هنا هو ما في الأرض كله للناس، يتخيرون منه، ولا يطلبون خبيثه، فلا يؤكد اللفظ إلا ما يقترن به من القول، فلا يفصل بين المؤكِّد والمؤكَّد، وعلى أي حال فإنه بمقتضى عموم قوله تعالى: (لَكُم) أن الخلق لكم كلكم، وهذه الكلية التي تعم الناس أجمعين ثابتة بعموم الخطاب، لَا بلفظ (جَمِيعًا).

وليس معنى أن ما في الأرض لهم كلهم، أن يتقاسموه، وأن يأخذوا الخير جميعهم مقسما، من غير تمييز بين عامل وخامل، ولا بين موفق وغير موفق، إنما لكل امرئ عمله، ولكل امرئ ما كسب.

ولا تقتضي الكلية أن يتساوى الناس في أرزاقهم، فإن الرزق يمنحه الله تعالى لمن يعمل ويكسب، ولكن يتساوى الناس في تمكينهم من الأرض، وكلٌّ وما يكسبه، والله هو الغني الحميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>