للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ... (٩٢)

* * *

(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ) الإشارة إلى الكتاب وهو القرآن ذكر الله تعالى أمورا ثلاثة، بعضها فيه معنى التعليل، وبعضها فيه تعليل بالغاية، وأولها أنه (مُبَارَكٌ)، ومعنى البركة النماء والزيادة، وإن القرآن مبارك في معانيه فهو يشمل كل علوم الدين والأخلاق، وفيه ذكر للكون، وفيه بيان العقيدة الإسلامية، وفيه أسماء الله الحسنى، وفيه أوصاف الله الذاتية، وثبوت الكمال المطلق لله تعالى، ونفي كل ما لَا يليق بالله، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وفيه كل أصول التكليفات الدينية، وفيه القصص الحق عن النبيين، وعن الأمم التي خالفت أنبياءها وكيف كان مصيرها، وإن معانيه وما كشفه ألفاظه تذهب في العقول إلى مذاهب من الإدراك لَا نهاية لها، وكلما أمعن القارئ في ألفاظه وعباراته أشعت منها نورا مبينا، وذكرا حكيما، حتى قال بعض الناس إن للقرآن ظاهرا وباطنا، إذ كلما أمعن فيه بالنظر، أدرك ما لم يكن من قبل، وهو يوجه الأنظار إلى علم الأكوان بإشارات لامحة، وعبارات واضحة.

ومهما نتكلم في معاني القرآن، فلن ندرك الغاية، ولا نقاربها، وهذا يصور معنى أنه مبارك الأمر الذي في القرآن أنه مصدق الذي بين يديه، ونجد اللفظ عاما لكل ما بين يديه من أخبار الأنبياء السابقين وأخبار أقوامهم، والعبر، والمثلات فيهم، فهو سجل النبوات، ومعجزات الرسل، وكان كذلك ليعلم بها من يعلم، ومن عنده العظة والاعتبار، كما قال تعالى: (. . . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ)، ومصدقا للكتب السابقة من التوراة والإنجيل والزبور.

<<  <  ج: ص:  >  >>