للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا).

(إِنَّ رَبَّكَ) الذي خلق الناس أجمعين ورباهم وهذبهم (لِلَّذِينَ عَمِلُوا)، أي هو لهم يمنعهم من الاسترسال في الشرور والفساد، كما تقول: السلطان لفلان هو ينصره، ويحميه من أعدائه ولا يسلمه لهم، وقد ذكر أنه سبحانه لهؤلاء الذين عملوا السوء، بشرطين:

الشرط الأول - أن يكون بجهالة.

والشرط الثاني - أن يتوبوا ويعملوا الصالح بأن يصلحوا في ذات أنفسهم، بأن يزول من نفوسهم، كل أدران السوء، وترحض عن قلوبهم كل ما عملوا من آثام مبطنة، وأن يذهب ما اربدت به نفوسهم، وتطهُر.

والسوء كل ما هو في ذاته ليس بطيب، ويسوء النفس وغيره، والجهالة هي عدم تدبير الأمر، وعدم تعرف عواقبه بأن يندفع تحت تأثير شهوة جامحة، أو هوى متبع، فإذا تدبر تاب من قريب، وهذا قوله تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨).

وقال تعالى في الشرط الثاني: (ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا)، أي قاموا بحق التوبة النصوح، وهي تقتضي أمورا ثلاثة:

الأمر الأول - الندم على ما حصل من سوء، وذلك علم بالحق بعد الجهالة، وثوب إلى اللَّه تعالى بعد الابتعاد.

والأمر الثاني - العزم على ألا يعود إلى ذنب أبدا، ذلك لأجل غسل ما اعترى القلب من أدران، وتنظيفه من السيئات وآثارها.

<<  <  ج: ص:  >  >>