عطف سبحانه وتعالى بـ (ثُمَّ) للتراخي بين اتخاذ البيوت من الجبال والأشجار ومما يعرشون، وذلك إشارة إلى أنها تبذل في البيوت نظاما محكما دقيقا مما يأخذ وقتا طويلا، والله تعالى يأمرها بمقتضى الفطرة التي فطرها تعالى:(ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ) فلا تفرق بين الزهور فكلها طعام لها، فتأخذ من نوار كل زهرة، لَا فرق بين زهر مر، وزهر حلو، وتأخذ من كل الثمرات تأخذ البنفسج والبرتقال والخوخ، والقطن ثم ينساغ في بطنها، ثم تخرجه بعد ذلك عسلا حلوا، مشتبه طعمه ويختلف لونه، ويكون لونه على حسب المرعى، فلون البنفسج يبدو إذا كان غذاؤه من البنفسج، ورائحته تكون مثله، ولون البرتقال إذا كان كذلك، وقال تعالى:(فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا) وهي حال من السبل، أي أن طرائق الله التي ألهمك إياها مذللة سهلة غير مجهولة تغدو من هذه السبل، وتروح منها غير مجهولة لها، ولو ذهبت في طلب الرزق إلى آماد بعيدة.