للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٤)

ما كانوا يتوقعون أن يعود النبي - صلى الله عليه وسلم - موفورا منصورا، بل كانوا يتوقعون أن ينال منه الرومان هو ومن معه من المؤمنين، حتى لقد كانوا يقولون في مجالسهم، إن الرومان سيكبلون العرب، والمنافق مسرف في القول دائما، ولكنهم رأوهم قد جاءوا منتصرين، وتخاذل الرومان عن لقائهم، وقد راعهم ذلك، فبدءوا يعتذرون كاذبين، كما اعتذروا في التخلف كاذبين، ولذا قال تعالى: (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ) سالمين أقوياء مسيطرين على أنفسكم أحرازا غير مكبلين، والاعتذارات كاذبة كقولهم لو نعلم قتالا لاتبعناكم، فيأمر الله تعالى نبيه بقوله تعالت كلماته: (قُل لَا تَعْتَذِرُوا) فكان النهي عن الاعتذار؛ لأنه كذب، والتمادي في الاعتذار الكاذب تماد في الكذب، والتمادي في الكذب فجور وهو غير مقبول، ولذا بين السبب فقال: (لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ)، أي لن نسلم لكم بما تقولون من أكاذيب، ونحن نكذبها لأن النبأ اليقين قد جاءنا عن الله، ولذا قال تعالى في سبب التكذيب وعدم التسليم لهم (قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ) النبأ: الخبر الخطير، و (مِنْ) هنا للتبعيض، أي قد نبأنا الله تعالى ببعض أخباركم وهو ما يتصل بنياتكم وبقلوبكم، وبالأفعال التي تقصدون بها إفساد عزائم المؤمنين، وتخذيلهم عن المجاهدين، وحقيقة ما تقصدون باعتذاراتكم وأنها كاذبة.

ثم قال تعالى؛ (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) (السين) لتأكيد وقوع أل في المستقبل، أي أنه ليس لكم أن تتكلموا في الماضي، فالله تعالى قد علمه من قبل، ونبأنا به، وإنما الأمر الحاضر، (وَسَيَرى) أي سيشاهد، أو سيعلم علم المشاهدة أو الواقع الله ورسوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>