للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ... (١٣٠)

* * *

ولقد ذكر القفال - من علماء الشافعية - أن بين هذه الآية الناهية عن أكل الربا أضعافا مضاعفة، وغزوة أحد مناسبة ظاهرة، وذلك أن المشركين في غزوة أحد أنفقوا على عساكرهم أموالا كثيرة جمعوها من الربا، ولعل ذلك يدعو بعض المسلمين إلى الإقدام على الربا، حتى يجمعوا المال وينفقوه على العسكر ويتمكنوا من الانتقام منهم، فلا جرم نهاهم عن ذلك.

لقد ابتدأ الله سبحانه وتعالى الآية بالنداء بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لبيان أن أكل الربا ليس من شأن أهل الإيمان، وإنما هو من خواص أهل الكفر والعصيان، فإذا كان المشركون يأكلون الربا ويتقوَّوْنَ به، ويكاثرون أهل الإيمان بأموالهم التي اكتسبوها من السحت فليس لأهل الحق أن يجاروهم، بل عليهم أن يحرموه على أنفسهم، ولا يأكلوا إلا حلالا طيبا.

و" الربا " معناه الزيادة، والمراد بها هنا الزيادة على الدَّين، وهو ربا الجاهلية، ذلك أن الرجل منهم كان يكون له على رجل منهم مال فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه، فيقول المدين: أخر عني دينك.

ولقد قال عطاء: كانت ثقيف تداين بني المغيرة في الجاهلية، فإذا حل الأجل قالوا: نزيدكم وتؤخرون، ولقد قال زيد بن ثابت: إنما كان ربا الجاهلية في التضعيف يكون للرجل دين فيأتيه إذا حل الأجل فيقول: " تقضيني أو تزيدني ".

وبهذه الأخبار الصحاح تبين أمران أولهما: أن ربا الجاهلية كان أساسه الزيادة في الدَّين للزيادة في الأجل من غير نظر إلى سبب الدَّين، وأن هذا الربا

<<  <  ج: ص:  >  >>