للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)

* * *

إني وجهت نفسي، وعبر عن ذلك بوجهه؛ لأن الوجه هو الذي يواجه به، ويتجه به إلى ما يتجه، ولأنه مظهر الخضوع والطاعة وبه يكون السجود، فكان الوجه له مظهر يجعله صالحا لأن يعبر به عن الجسم كله.

اتجه إلى الخالق لأنه عرفه مما خلق، والأثر يدل على المؤثر، و (فطر) معناها أنشأه وأوجده على غير مثال سبق، وهذا يدل على أن الفطرة السليمة تدرك بذاتها من فطرها؛ ولذا قال تعالى في دين الحق: (. . . فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكثرَ النَّاسِ لَا يَعْلَقونَ).

وإن بعض العلماء كالظاهرية يرون أن إدراك الله تعالى بدهيٌّ يدرك بالبداهة، لَا بالبرهان ذلك أن إبراهيم - عليه السلام - أدرك الله تعالى بفطرته بعد أن أبعد عنها ضلال الوثنية، ولأن أوهام الوثنية غشاء صفيق يحول بين الفطرة وإدراكها السليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>