للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ... (١٠٢)

* * *

الإشارة في " ذلكم "، إلى ما ذكر من فلق الحب والنوى وإنشاء النبات والأشجار والأنفس، والتوالد، والنزاهة المطلقة عن الشريك والولد، وانفراده سبحانه وتعالى بالخلق والتكوين والقيام لكل شيء والعلم بكل شيء وهذه أوصاف الوحدانية، وإذا كان واحدا في ذاته العلية، وواحدا في إنشائه للكون، فهو الجدير بالعبادة وحده وكل عبادة لغيره تكون باطلة بطلانا مطلقا؛ ولذا قال سبحانه: (ذَلِكُمُ اللَّهُ) أي ذلك المعبود بحق وحده، وهو ذو الجلال والإكرام، والإشارة بالخطاب للجميع (ذلكم) للإشارة إلى التكليف العام بعبادة الله تعالى وحده، وقد ذكر سبب الألوهية الكاملة، فقرنها بوصفين يزكيان معنى الألوهية: أولهما - الربوبية الكاملة؛ الذي يربي الناس والأشياء، يربها ويرعاها ويحفظها، الوصف الثاني - أنه خالق كل شيء، ولا شيء في الوجود إلا وهو الخالق له والقائم عليه، والمدبر لأمره، والكالئ له، وهو على كل شيء وكيل.

وقد قال تعالى: (فَاعْبُدُوهُ) أي أنه إذا كان هو وحده الخالق، وهو وحده المدبر فاعبدوه وحده، لَا شريك له، فهذه نتيجة للمقدمات الواقعة السابقة، ومن عبد غيره، فإنه قد سبق إليه وهم، وهو عبد للأوهام وليس مؤمنا بالله.

وبعد أن بين الله سبحانه وتعالى أنه خالق كل شيء بين أنه خلقه، وِهو يحافظ عليه؛ ولذا قال جلت قدرته، وعظمت حكمته: (وَهُوَ عَلَى كلِّ شيءٍ وَكيلٌ) " وكيل " هنا من وكل إليه الأمر ليحفظه ويصونه فمعنى وكيل هنا قائم على الأشياء كلها ليحفظها ويصونها، ويدبر أمرها إلى أن يقضي فيها قضاءه وكان أمرا مفعولا، فهو الإله القائم على كل شيء سبحانه، وإن الله سبحانه وتعالى منشئ الوجود نحس بآثاره، وننعم بنعمه ولا نراه، فهو خفي الألطاف ظاهر بنعمه وآثاره؛ ولذا قال تعالى:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>