للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)

الإشارة بـ (هَذِهِ) إلى الجماعات الماضية رسلا مبشرين ومنذرين وأقوام بعثوا إليهم وعاندوهم أو وافقوهم، والخطاب للذين بعث فيهم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، و (أُمَّةً) حال باعتبار الوصف بالوحدة، والمعنى إن هذه الجماعات التي مضت برسلها المصطفين الأخيار حالة كونها أمة واحدة هي أمتكم معشر المخاطبين، والمعنى أن الناس جميعا أمة واحدة في كونهم مؤمنين، وكافرين، ومستقيمين ومنحرفين، وأمة واحدة فيما طبعه الله تعالى عليها، وجبلها على الصفات الإنسانية الواحدة، ما بين ملهمين التقوى وملهمين الفجور، والرسل المختارون يدعون الأبرار والفجار، فيستقيم على الطريقة المثلى الأبرار، وينحرف عن الجادة الأشرار، وهذه الآية كقوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً. . .).

وبعد أن بيَّن سبحانه وحدة البشرية في الطبائع والجبِلَّات بين وحدة الرسالة، ووحدة الألوهية والربوبية، فقال عز من قائل: (وَأَنَا رَبُّكُم فَاعْبُدُونِ) أي أنا خالقكم والقائم عليكم والكالئ لكم (فَاعْبُدُونِ) الفاء فاء السببية أي بسبب هذه الربوبية الخالصة المبدعة - اعبدون، هنا ياء المتكلم محذوفة مع تقديرها في الكلام.

وإنه نتج عن هذه الوحدة في الجِبِلَّة، وتنوع الغرائز وتضاربها وتغالبها، وتنازع الأهواء والشهوات أن تنازع الناس، وإن اختلفت منازعهم ما بين مهتد رشيد، ومنحرف عنيد؛ ولذا قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>