(وَأَذِّنْ) أمر من اللَّه تعالى لإبراهيم باني الكعبة، (وَأَذِّنْ) - من " أذن " بمعنى أجاز - وأعلم كآذن، والتأذين: الإعلام والدعوة، والمؤذن هوَ الداعي إلى اللَّه تعالى، وخصص - عرفا - بالدعوة إلى الصلاة.
(فِي النَّاسِ) إخبار للناس كلهم عربا وعجما، وهي دعوة عامة إلى حج البيت الحرام، وعدى الفعل بـ " في "، ولم يقل " الناس "، بل قال تعالى:(فِي النَّاسِ) للإشارة إلى عموم الإعلام في الناس، لأنه إذا لم يذكر (في)، فقد يفهم أنه يكلم أهل عصره، أو من يمكنه خطابهم فقط، وذكر (فِي) يدل على أن الإعلام في أوساط الناس كلهم، لَا فرق بين القريب الداني والبعيد القاصي، فالجميع يجب أن يبادروا إلى الحج إلى بيت اللَّه، لأنه أول بيت وضع للعبادة للناس، ولأن التأذين بالحج يتضمن إعلام الناس، أو معناه إعلام الناس تعدى بالباء.
والحج معناه القصد، وخص بالقصد إلى بيت اللَّه الحرام، وخصص عرفا شرعيا، أو اصطلاحا دينيا بالقصد إلى الكعبة طائفا، وإلى الصفا والمروة ساعيا، وإلى عرفة واقفا في ميقاته، وهو من زوال اليوم التاسع، والبيات بمنى، والوقوف بالمشعر الحرام، وهو المزدلفة، والعود إلى منى ورمي الجمار بها بعد النحر في أيام ثلاث بعد يوم النحر، وهي أيام التشريق ويكون الهدْي، وسيشار إلى كثير من ذلك في الآيات التي نتكلم في معانيها من بعد.
(يَأتُوكَ رِجَالًا)، أي إذا ناديت وأعلمتهم بفريضة الحج يأتوك راجلين سائرين على أقدامهم، و (رِجَالًا) جمع راجل كصاحب وصحاب، وتاجر وتجار، والراجل هو الماشي على رجله، في مقابل الراكب، وهنا أمران بيانيان: