الأمر الأول - في قوله (يَأتوكَ رِجَالًا)، والدعوة ليست المجيء إلى إبراهيم، إنما المجيء إلى البيت وما حوله، ولكن ذكر المجيء إلى إبراهيم لأنه المؤذِّن، ولأنه الباني للبيت.
والأمر الثاني - أن (يَأتُوكَ)، جواب الأمر، وهو يدل على قوة الإجابة، إذ يجمع الناس على الحق والهداية والتعاون وهو بيان لما ينبغي ويجب، ولا يمنع ذلك أن يكون في الناس عصاة لَا يهتدون ولا يجيبون داعي اللَّه تعالى.
(وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، الضامر: البعير الهزول الذي ضمر من شدة التعب، وأجهده السفر، وهذه الحال تكون عند وصوله مكة وما حولها، ويكون هذا الوصف دليلا على أن الذين جاءوا إلى البيت، وقد صرحت الآية بذلك في وصف الابتداء الذي ابتدأت به للاتجاه إلى بيت اللَّه تعالى، فقال تعالى:(مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الفج يطلق على الطريق بين جبلين ويطلق على الطريق الواسع، والعميق معناه البعيد، وأطلق على البعيد بعدا رأسيا كالآبار ونحوها، ثم أطلق على البعيد مطلقا، و (يَأتِين) يعود الضمير إلى الإبل تكريما لها في حمل الحجيج إلى بيت اللَّه الحرام.
وإن هذه الدعوة التي قام بها إبراهيم خليل اللَّه ومنشئ أول بيت وضع للناس في مكة وسط العالم والتي يصلي حولها العباد المسلمون وقد أخذت الآيات الكريمة تشير إلى مناسك الحج من غير بيان تفصيلي.