للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) فالأمر في معنى بيان الياس، كما قال الله تعالى لنوح عليه السلام: (. . . لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ. . .)، ومحط الخبر في قوله: (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) وعدد السبعين يراد به الكثرة، وكان العرب يستعملونه في الكثرة التي لَا يحصيها عد.

وهذا المعنى الذي اختاره ابن كثير، فقد قال (يخبر الله تعالى نبيه) بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلا للاستغفار، وأنه لو استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، وقد قيل إن السبعين مرة ذكرت حسما لمادة الاستغفار لهم؛ لأن العرب في أساليب كلامها تذكر السبعين في مبالغة كلامها، ولا تريد التحديد بها، ولا أن يكون ما زاد عليها بخلافها) فهذه الآية فيها بيان أنه لَا يرجى إيمانهم، فيرجى الغفران لهم؛ لأن الله تعالى قد غضب عليهم، فقال تعالى: (اسْتغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) وعلل سبحانه وتعالى ذلك بقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ولا رجاء في أن يؤمنوا كما يدل آخر الآية.

ولقد قال بعض المفسرين إن (أو) للتخيير، وإن الأمر للإباحة، فأباح الله تعالى للنبي أن يستغفر أو لَا يستغفر، ورد ذلك المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما - وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " لأزيدن على السبعين " (١) ولكن يقول القشيري: لم يثبت ما روي أنه قال لأزيدن على السبعين. وقد ذكر سبحانه وتعالى في ختام الآية الكريمة ما يدل على أنهم مردوا على النفاق، وأوغلوا في الكفر فقال تبارك وتعالى: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ


(١) رواه البخاري: الجنائز - ما يكره من الصلاة على المنافقين (١٣٣٦) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وتفسير القرآن (٠ ٤٦٧)، وسلم: صفات المنافقين وأحكامهم (٢٧٧٤) عن ابن عمر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>