للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نادى الله تعالى نبيه موِسى، ويبين ما ميزه به على أهل جيله، وعلى كثير من الأنبياء ناداه (يَا مُوسى) وفي النداء بالاسم نوع إدناء وتقريب، وإبداء للمحبة، والدنو منه. (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ)، أي اخترتك مفضلا لك على الناس، فـ (اصْطَفَيْتُكَ) متضمنة معنى التفضيل، ولذا تعدى بـ (عَلَى)، وقوله: (بِرِسَالاتِي)، وهي جمع رسالة، وجمعت لشمول شريعة التوراة التي نزلت على موسى - عليه السلام - من عقائد التوحيد والتنزيه وشرائع الزواجر الاجتماعية من قصاص وحدود، وشرائع مدنية في معاملات الناس وتحريم الربا، وأحكام الأسرة؛ وبعبارة أعم في التوراة شرائع كثيرة جامعة ضمت رسالات. وقوله تعالى: (وَبِكَلامِي)، أي بكوني اختصصتك من بين الأنبياء بأن كلمتك من وراء حجاب، وليس ذلك دليلا على فضله المطلق عليهم، بل هو من هذه الناحية وليس فضلا من كل النواحي.

وقال تعالى بعد بيان اختصاص موسى بأنه كليم الله، واختياره للرسالات كاملة وإن لم تكن النهائية (فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ) (الفاء) هنا فاء الإفصاح، أي فإذا كنت قد اخترتك من بين الناس بالرسالات وبكلامي، فخذ ما أعطيتك، واقنع به، (وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) الذين تظهر النعم عليهم، ولا تطلب الزيادة على ذلك بالرؤية، فإن هذا ليس لك.

* * *

(وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (١٤٥) سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>