وطمع الكليم في أن يرى حبيبه (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ)، أي افتح بصري بالرؤية لأنظر إليك، أو تبين لي أنظر إليك.
قال الله الذي كلم موسى، وحسب موسى أن الرؤية كالكلام، وإن كان الكلام من وراء حجاب، وقد شجعه على طلب الرؤية أنه سمع الكلام، ومن سمع الكلام الجميل الجليل طمع في رؤية من يكلمه.
قال الله - تعالى - له:(لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي).
لن للنفي، المؤكد، وقال الزمخشري: إنها للنفي المؤبد، أي لن تراني أبدا، وهذا على مذهبه من أن رؤية الله تعالى غير ممكنة، ونحن إذا قلنا: إنها لتأبيد النفي، فإن ذلك موضوعه في الدنيا، أما في الآخرة، فأمرها عند علم الله وهو العليم بما فيها، والحياة فيها غير الحياة في الدنيا، وما يكون مستحيلا في الدنيا، أو ما يُرى كذلك لَا يكون مستحيلا في الآخرة والله بكل شيء عليم، وفسر بعضهم قوله تعالى:(لَن تَرَانِي)، أي لن تستطيع رؤيتي.
وفد استدل الجماعة على أن رؤية الله ممكنة وإلا ما طلبها موسى، وقد علقها الله تعالى على استقرار الجبل وهو أمر ممكن فهي ممكنة.
ولنترك الأقوال في ذلك، فليس القرآن موضع جدل، وهو منزه عن ذلك، وفوق جدال المتجادلين.