للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ) في قراءة أهل مكة يثبتون الواو عطفا على أخبار المنافقين، ومن غير واو في مصحف المدينة والشام (١)، ويكون عطف بيان للمنافقين أيضا، وقوله تعالى: (اتَّخَذُوا مَسْجِدًا)، أي أنشئوه، واتخذوا مسجدا، أي أن انتحلوه مسجدا باتخاذهم لَا أنه مسجد في حقيقته وذاته، بل باتخاذهم، وانتحالهم، وقد ذكر الله تعالى أن غرضهم من إنشائه الذي بعثهم هواهم عليه أمور أربعة - هي ما بني لأجله: أولها - أنه ضرار وهو مصدر ضارَّ، فهم يبنونه مضارة للمؤمنين، ومكايدة للذين بنوا مسجد قباء لله وللصلاة فيه، وقد صلى فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فبنوه قريبا منه ليضار أولئك الذين بنوا الأول، وليكايدوهم، وقوله تعالى: (وَكفْرًا) أي دفعهم إلى بنائه الكفر لا الإيمان، فهم لَا يصلون، ولكن ينافقون، وهم كانوا كفارًا، ومن أعظم البواعث هو تفريق المؤمنين، ولذا قال تعالى في الباعث: (وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) وإن ذلك التفريق هو إبعاد فريق من المؤمنين عن الجماعة التي يؤمها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، يغرونهم بالتأثير فيهم رجاء أن يقتطعوا من المؤمنين من يضمونهم إليهم، إذ بعدوا عن النور الكاشف لخداعهم، وإفسادهم، فيخلو لهم الجو ليخادعوهم، وينجح خدعهم، (وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) يقال رصد، وأرصد: راقب، ورصد تكون للخير والشر، وأرصد لَا تكون إلا للشر، وقد اتخذ هذا المسجد ليكون موضع ترقب للمنافقين يتصلون منه بأعداء الله تعالى،


(١) (الذين اتخذوا) بغير واو، قراءة: نافع وأبو جعفر، وعاصم وحمزة والكسائي وخلف، وهذا الحرف في مصاحف المدينة بلا واو، وقرأ الباقون بإثبات الواو، وكذلك هي في بقية المصاحف. المقنع ١٠٤، والسبعة ٣١٨، والنشر ٢/ ٢٨١. غاية الاختصار (٩٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>