للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَلِيلٌ ثمَّ مَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ).

المتاعِ الشيء الذي يجعل الانتفاع به ولا يبقى طويلا، من ذلك قوله، تعالى: (ومَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)، وهي هنا خبر لمبتدأ محذوف دل عليه الكلام الذي قبله، والمعنى أن تقلبهم وتصرفهم في البلاد متاع قليل، فهو انتفاع عاجل ومقداره قليل، ثم تعقبه بعد ذلك حسرات، ولذلك ذكر ما يعقبه فقال: (ثُمَّ مَأوَاهمْ جَهَنَّم) العطف بـ " ثم " ليس للدلالة على التراخي الزمني فقط، بل للدلالة على تفاوت ما بين حالهم في الدنيا، وما يكونون عليه في الآخرة، والمأوى هو المكان الذي يأوي إليه الشخص ليستقر فيه ويطمئن، فكان استقرارهم هو جهنم، وهي اسم لنيران يوم القيامة، والمهاد هو المكان الممهد والفراش اللين، ويكون التعبير عن مآلهم بالمهاد من قبيل التهكم. ويصح أن يقال إنهم هم الذين مهدوه لأنفسهم، ويكون المعنى بئس الذي مهدوا به لأنفسهم، أي أنهم بأعمالهم في الدنيا قد مهدوا لأنفسهم فراشا من اللظى والجحيم وبئس هذا المهاد.

وفى هذا تعزية للمؤمنين أبلغ تعزية، وقد روى الترمذي أن رسول الله قال:

" ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بما يرجع " (١).

* * *


(١) الترمذي: الزهد - باب منه (٢٢٤٥)، ورواه مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها - فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة ٥١٠١١). وأحمد: مسند الشاميين (١٧٣٢٢)، عن مستورد بن شداد بن عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>