للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (٨١)

(الرِّيحَ) منصوبة بفعل العطف، أي: وسخرنا لسليمان الريح، كما سخرنا لداود الجبال وقلنا (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)، وكذلك سخرنا لسليمان الريح أي جعلناها له ذلولا، فأبوه كانت رواسي الجبال مسخرة له، وهو كانت عواصف الرياح مسخرة له، ومذللة له، والريح العاصفة هي الريح الشديدة في هبوبها، بحيث تقوض القائم، وقد وصف الله الريح بهذا الوصف للإشارة إلى أنها في قسوة هبوبها وعصفها لَا تذر شيئا أتت عليه إلا أزالته، زللها الله تعالى لسليمان، فكانت تجري بأمره رخاء، وقال تعالى: (تَجْرِي بأَمْرِهِ) مع عنفها تهدأ له، وتسري بأمره (إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكنَا فيهَا)، وهي هنا مدينة " أورشليم " إذ استردها داود من أيدي التتر (١)، وكان الحاكمَ فيها وجاء من بعده سليمان عليهما السلام، وإن ذلك كله بإرادة الله تعالى وعلمه؛ ولذا قال: (وَكنَّا بكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) وقدم الجار والمجرور للاهتمام بعموم علمه سبحانه، والجملة السامية تدل على استمرار علمه سبحانه، وأنه لَا يغيب عنه شيء في السماء ولا في الأرض، ودل على الاستمرار الوصف (عَالِمِينَ) وتقديم الجار والمجرور، الجملة الاسمية المؤكدة، وكان الدالة على الاستمرار.


(١) التتر هم التتار برجاء الرجوع إلى صفحة ٤٩١٧ من هذا التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>