للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ... (١٢٨)

* * *

بين الله الجزاء الخاص بالمؤمنين أولا؛ لأن بيان جزاء الطاعة أعظم أهمية من جزاء العذاب؛ ولذا بينه سبحانه وتعالى أولا، لمكان التبشير، والله تعالى قدم التبشير على الإنذار رجاء الطاعة.

وقال تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) (الواو) تصل الكلام السابق بالكلام اللاحق، وإن (الواو) قد تكون عاطفة على ما فُهِم من الكلام السابق.

(ويوم) مفعول متعلق بفعل معناه اذكر لهم يوم يحشرهم الله جميعا، ويخاطبهم سبحانه بهذا الخطاب (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم)، والمراد - والله أعلم - قد شددتم في طلب الكثرة من الإنس لتضلوا، فالسين والتاء للطلب، وخبر الله تعالى بطلب استكثارهم يدل على أنهم نالوا هذه الكثرة، فأغووها، كما قال تعالى في كتابه العزيز؛ عن إبليس: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠). وقال تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢).

والجن هنا هم إبليس وجنده من الشياطين كما تدل على ذلك الآيات الكريمة، وكما يدل على قسمه بأن يغويهم أجمعين إلا عباده منهم المخلصين، ولم يَرُدَّ الجن، أو لم يذكر الله تعالى جوابا لهم؛ لأن ماضي قولهم يدل على فعلهم، فلم يكن سبيل لأن يردوا، وقد توعدوا المؤمنين وجاهروا بعصيان ربهم، فلم يبق إلا أن ينالوا الجزاء راضين أو ساخطين (وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ) المغرورين، لأنهم لم يكونوا قد رأوا العذاب بما ذكر سبحانه وتعالى بقوله: (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا).

<<  <  ج: ص:  >  >>