بعد أن بين سبحانه وتعالى مثل الحياة الدنيا من حيث إنها متعة غير باقية، وما فيها من خير هو الفناء لَا بقاء فيه - ذكر سبحانه ما فيها من زينة وتفاخر، ومادة للتطاول فقال:(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، الزينة ما يتزين به، وهي مصدر وصف به، والمصدر إذا وصف لَا يثنى ولا يجمع، ولذا وصف به المال والبنون، وكان المال والبنون الزينة، لأنه كان بهما القوة، فكان المال قوة لما يمكن صاحبه من الحصول على حاجاته، ولما يمكنه من الحصول على مآربه من أعدائه وأوليائه، والبنون لأنهم القوة في النصرة؛ ولذا كانت مفاخرة أحد الرجلين على صاحبه قوله:(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا) والنفر أكثر ما يكون بالولد، واللَّه تعالى يقول فيمن طغى بماله وولده، (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧).
وقد سمى اللَّه تعالى القوة بالمال والبنين زينة، لأنها موضع تفاخر وتباهٍ كالزينة، وقدم المال على البنين، لأن البنين من غير مال لَا يكونون زينة، بل