للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤)

إن الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر لَا يستاذنونك في القعود عن الجهاد؛ لأنهم يعلمون أن الجهاد فريضة، ولأنهم أعزاء في ذات أنفسهم، ولأنهم يعلمون أن الله تعالى مبتليهم بالخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس، ولأنهم يصبرون في الشدائد، ولأنهم يعلمون أنهم في الجهاد يفوزون بإحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، وفيهما الخير كله، فالفوز بإحداهما، ولأنهم لعلمون أن الدنيا متاعها إلى أجل محدود وأن الآخرة خير وأبقى، ولذا ذكر الإيمان باليوم الآخر بجوار الإيمان بالله، فالإيمان بالله اعتماد على القوي المتين، والإيمان بالآخرة إيمان بالجزاء والعوض عن الحرمان والشهادة.

وقوله تعالى: (أَن يُجَاهِدُوا) أي في أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وحذف حرف " في " في المصدر المنسبك من (أن وما بعدها) كثير في كلام العرب، ويصح أن يقدر كراهية أن يجاهدوا، وهذا نفي لأن يقع ذلك منهم، فهم لا يستأذونون في التخلف لكراهية الجهاد، لأنهم لَا يكرهون أمرًا فرضه الله تعالى، إذ إن إيمانهم يوجب عليهم أن يحبوا ما أحب الله لهم وفرضه عليهم، ولأنهم يريدون العزة، والعزة تحت ظلال السيوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>