للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَمْ حسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ). . إلخ.

في هذه الآيات إذن يبين الله سبحانه وتعالى ما ينزل بالأخيار في سبيل الاستمساك بالحق والدفاع عنه، وكيف يغالبون المحن التي تنزل بهم، والأعداء الذين يحيطون بدولتهم، ولقد وصف سبحانه وتعالى أولا البلاء في الداخل والخارج، ثم وصف علاجه في الداخل بالبر والإنفاق ثم وصف علاجه في الخارج، بالمقاومة وحمل السيف عند الاضطرار.

(أَمْ حَسِبْتمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلكُم مَّسَّتْهمُ الْبَأسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) في هذه الجملة السامية بين الله سبحانه وتعالى أن طريق الجنة محفوف بالشدائد، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات " (١) وأن نعيم الجنة مرتقى عظيم، لَا يرتفع إليه إلا الجاهدون؛ وأنه كلما عظمت الشدة وطالت المدة كان الخير أعظم، ومعه رضوان الله وهو أكبر، وأن البلاء منوع مختلف؛ فهو بالبأساء وهي الشدائد والمكاره التي تكون من خارج الجسم، كحرب ضروس، أو خطر داهم، والبلاء قد يكون بالضراء، وهي الآلام والشدائد التي تحل بالجسم، كجراح شديدة، أو أمراض ممضة، أو آلام نفسية مزعجة وإن هذه الآلام قد تزعجهم وتشتد عليهم، وتصير كالزلازل تهز نفوسهم هزا عنيفا؛ كما يهز الزلزال


(١) رواه مسلم: صفة الجنة (٥٠٤٩)، والترمذي (٢٤٨٢)، وأحمد في مسنده (١٢١٠١)، والدارمي في الرقاق (٢٧٢٠) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>