للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أديم الأرض؛ وإذا كان زلزال الأرض يهزها حتى يلقى ما عليها من قصور مشيدة، فزلزال المؤمنين لَا يقلب نفوسهم، ولا ينكسر ما في صدورهم؛ بل يصقلها وينفض عنها ما عساه يعلق بها من درن.

ولقد فسر العلماء البأساء - بالشدة من خارج الجسم، والضراء بما يكون داخله كما نوهنا - وهي واضحة في الآحاد؛ وقد تكون البأساء والضراء بالنسبة للمجموع؛ فالبأساء التي تنال المجموع هي مهاجمة الأعداء، واعتداؤهم وتوالي إيذائهم؛ وعدم تركهم أهل الحق في قرار واطمئنان؛ والضراء في المجموع هي ما يكون من فقر ومرض، وما يتخلل صفوف المؤمنين من منافقين يرجفون بينهم بالأقوال الكاذبة، ويخذلون، ضعاف الإيمان عند لقاء الأعداء، ثم ما يكون من نقص في الأموال والأنفس والثمرات كما قال سبحانه: (وَلنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ والأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِرِ الصَّابِرِينَ).

و" أم " في قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ) قد اختلف العلماء بشأنها من ناحية التخريج اللفظى بمقتضى الأحوال التي تستعمل فيها " أم "، فقال بعضهم: إنها للاستفهام المجرد، وهذا هو ما قاله الزجاج، وجوزه الزمخشري؛ والمعنى على ذلك التخريج واضح، ويكون من قبل الاستفهام الإنكاري بمعنى إنكار النهي؛ أي لا تحسبوا أنكم تدخلون الجنة (وَلَمَّا يَأتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم) أي لم تأتكم حال كحال الذين مضوا من قبلكم إذ مستهم أي أصابتهم البأساء والضراء، والتعبير بمستهم للإشارة إلى أنها نالتهم بالأذى أحسوا به، والآلام نالت حسهم، ولكن لم تنل قلوبهم.

وقال بعضهم: إن " أم " هي " أم المتصلة "؛ وكان في الكلام محذوفا دل عليه لازم قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً. . .)، وما قبلها، وكأن تقدير القول هكذا: أفرضيتم بالحق تنصرونه، وتدفعون بغي الباغين عليه متحملين الشدائد والمكاره، " أم " حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء. . . . وبهذا تكون (أم) متصلة دالة على المعادلة بين حالين،

<<  <  ج: ص:  >  >>