للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).

ثم هناك ارتباط خاص بين أحكام القتال وأحكام الحج، لأن القتال جهاد لحماية الدولة في الخارج، والحج جهاد لتهذيب النفس وحماية الدولة الإسلامية في الداخل، بالجمع بين أقطارها، والتعارف العام بين شعوبها، ونشر المساواة العادلة بين آحادها؛ ولذلك لم يعتبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبادة تلي الجهاد في سبيل الله غير الحج لله.

ثم هناك مناسبة خاصة بين الآية الأولى وأحكام القتال، لأن فيها بمِان حكم من يمنعه عدو من الوصول إلى البيت الحرام، وقد حدث في العام السادس أن منع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوصول إلى البيت الحرام، وهمَّ بأن يمتشق السلاح ويقاتل حتى يصل إليه بقوة السلاح، ولكن كان الصلح على أن يرجع من عامه هذا، ثم عاد في العام السابع وأدى عمرة القضاء. فكانت هذه الآية ذات مناسبة خاصة تربطها بالقتال والجهاد في سبيل الله تعالى.

وهذه الآيات في بعض أحكام الحج؛ ولذلك نبين هذه الأحكام ولا نتعرض للتفريع واختلاف الفقهاء إلا بالقدر الذي يكون تفسيرا لكلماتها، أو يكون مستمدا من ظلالها أو قابسًا من نورها.

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الحج في أصل معناه اللغوي: القصد، وخصه الراغب الأصفهاني بالقصد للزيارة؛ ومن ذلك قول الشاعر:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . يحجون بيت الزبرقان المعصفر

والعمرة في الأصل اللغوي تتلاقى مع مادة العمارة التي هي ضد الخراب ويراد بالعمرة في اللغة: الزيارة التي يقصد بها عمارة المكان، وعمارة القلوب بالود، وتلاقيها على صفاء المحبة والإخلاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>