للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا هو الأصل اللغوي لمعنى كلمتي الحج والعمرة؛ وقد صارت الكلمتان من الألفاظ الإسلامية التي خصها الشرع بمعان تتصل بأصل معناها اللغوي؛ فالحج في أصل معناه كما رأيت قصد المكان للزيارة، فصار في المعنى الإسلامي يطلق على قصد بيت الله الحرام وعرفات والمشعر الحرام للزيارة بشروط خاصة وأركان خاصة، جماعها المتفق عليه الذي لَا خلاف فيه بين أهل العلم ثلاثة: الإحرام، وهو بالنسبة للحج كتكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة، والوقوف بعرفة، وهو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الحج عرفة " (١) لأن له وقتًا معينا إذا فات الشخص فاته الحج في هذا العام؛ ووجب الحج من قابل، والطواف.

وقد اختلف في الوجوب فيما عدا هذه الثلاثة من السعي بين الصفا والمروة والوقوف بمزدلفة وغيرهما.

والعمرة قد رأيت أنها في أصل معناها للزيارة المقصود بها عمارة المكان بالأشخاص، وعمارة النفوس بالمودة والإخلاص، وقد خصها الإسلام بزيارة بيت الله الحرام، وتلاقي النفوس فيه على مودة ورحمة وإخاء، ولها أركان خاصة وشروط، وجماع أركانها المتفق عليها بين الفقهاء اثنان: الإحرام والطواف.

وقد أمر الله سبحانه وتعالى بإتمام الحج والعمرة لله؛ فنص بهذا على وجوب أن تكون هذه العبادة خالصة لله سبحانه وتعالى لَا يشرك المؤمن فيها مع الله سبحانه وتعالى أحدًا؛ وكذلك الشأن في كل عبادة، بل في كل عمل خير، يجب أن يتجه العبد فيه إلى الله سبحانه، لَا يقصد غير الله، ولا يريد بعمله إلا وجهه؛ لأن من كمال الإيمان أن يحب المؤمن الشيء لَا يحبه إلا لله، ومن كمال الإيمان أن يكون هوى المؤمن وغاياته ومقاصده تبعًا لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولايقصد به إلا وجه الله سبحانه وتعالى.


(١) جزء من حديث رواه في المناسك الترمذي (٨١٤) والنسائي (٢٩٩٤) وأبو داود (١٦٦٤) وابن ماجه (٦ ٠ ٠ ٣) وأحمد في أول مسند الكوفيين (١٨٠٢٣) والدارمي. كلهم عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي - رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>