للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧)

بين الله سبحاثه وتعالى في هذه الآية استبعاد أن يوفي المشركون بعهودهم، أو على الأقل بيّن أنه لَا يصح للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه أن ينتظروا الوفاء من المشركين؛ لأنهم خانوا الله ورسوله، ومن يخُن الله ورسوله فهو قد استمرأ النفاق، والنفاق والوفاء بالعهد نقيضان لَا يجتمعان، ومن أمارة المنافق أنه إذا وعد أخلف.

(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) الاستفهام للتعجب والاستنكار بمعنى النفي، فهذا إنكار للوقوع، أي كيف يتوقع عند الله ورسوله أن يفوا بعهدهم لهما، واذا كانوا كذلك فليس من المعقول أن يوفي الله تعالى لهم بعهد؛ لأن العهود توجب حقوقا وواجبات متبادلة، فمن توقع عدم الوفاء وتأكد له النكث في العهد، فليس عليه وفاء.

وقد نفَى الله بهذا أن يكون عند المشركين وفاء بعهد لله ولرسوله، وبالمثل لا يتوقعون الوفاء بعهد نكثوا فيه من جانبهم، ولكن كان من المعاهدين من المشركين من يتوقع الوفاء، فهؤلاء لَا يرد إليهم عهدهم، ولذلك استثناهم الله سبحانه وتعالى، وهو العادل في قوله وحكمه فقال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وهم عند ابن كثير أهل الحديبية، وقد وفَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>