للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (٥٣)

عاين المجرمون النار بأهوالها، وأنهم لَا طاقة لهم بها، وكأنهم رأوا أعمالهم قد استعلت بهم فكانت نارا، وأظهر في موضع الإضمار إذ إنه سبحانه بدل أن يقول: ورأوا النار وَعود الضمير ليس ببعيد، قال عز من قائل: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) لبيان وصفهم وهو الإجرام، وأنه سبب استحقاقهم، وأنهم يحسون باستحقاقهم لأنهم أجرموا، (فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا)، أي مخالطوها وملابسوها، فالمواقعة الملابسة التي لَا ينفصلون عنها، والفاء هي فاء الترتيب والسببية، أي بسبب حالهم من الإجرام اعتقدوا أنهم مواقعوها، والظن هنا اليقين ولكن لِمَ عبر بالظن دون العلم واليقين؟ وذلك لأنهم إذ رأوا هولها وشدتها كانوا يظنون ولا يستيقنون ليوجدوا لأنفسهم نافذة ولو كُوَّة لاحتمال النجاة، ويصور هذا المعنى قوله تعالى: (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا)، أي لم يجدوا متحولا عنها وأنها آتية لَا ريب فيها.

ولقد قال تعالى بعد أن بين حالهم التي آلوا إليها، أنه قدم لهم أسباب الهداية في إبانها، فأعرضوا عنها وأثاروا المثارات حولها، فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>