للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)

* * *

بعد أن بين سبحانه وتعالى الصوم وما فيه من تهذيب النفس - بين سبحانه وتعالى أن من التهذيب النفسي أو بث التقوى في روح الجماعة الإسلامية نزاهة المال عن الخبث كنزاهة النفس؛ ولذا عطف على الأوامر والنواهي الخاصة بالصوم النهي عن أكل أموال الناس بالباطل، فقال تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بالْبَاطل وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ).

الواو هنا عاطفة على ما سبق من إباحة ونهى، في قوله، (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ) وما تبع ذلك من صيغة أمر تبيح الأكل والشرب، ونهى عن المباشرة، وجاء النهي بعد ذلك عن أكل مال الناس بالباطل، لأنه من جنس الأوامر والنواهي السابقة، فإذا كانت لنزاهة النفس وطهارتها، فالنهي عن أكل مال الناس بالباطل، لنزاهة النفس والمجتمع وطهارته من أسباب النزاع، فالنواهي تتدرج في الخصوص الإسلامية في هذه الآيات من إبعاد نفوس الآحاد عن الإرجاس في العبادات، إلى النهي للجماعة كلها عما يفنى الجماعات من أخذ المال بالباطل؛ لأنه قتل لها كما قال تعالى في آية أخرى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُمِ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ منكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بكُمْ رَحيمًا).

فأخذ أموال الناس بالباطل، وشيوع ذلك، واستمراؤه يقتل الأمة؛ لأنه يشيع فيها الفساد، ضياع الحقوق، وألا يحترم العدل، ويسود الظلم، وبذلك تفنى الأمم، وتذهب قوتها أمام من يتربص بها الدوائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>