للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) هذه إحدى جرائمهم الكبرى، ولكن هل قولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم يعد جريمة؟ والجواب عن ذلك أن ما يدل عليه بطريق التضمن هو جريمة، والقول ذاته جريمة؛ وذلك لأن القول يدل على أنهم أرادوا قتله، واتخذوا كل السبل لذلك، فدسوا عليه عند الرومان، وكذبوا عليه وافتروا، وحاولوا أن يسلموه ليصلب، وسلموه في زعمهم، ولكن الله سبحانه وتعالى أنقذه بإلقاء الشبه على أحد الذين دبروا القتل، وكل هذه جرائم، ومن المقرر فقها وقانونا أن من شرع في ارتكاب جريمة واتخذ كل الأسباب وفعل فعلها، ولكن لم تتم بأمر ليس في إرادته يعد مجرما، وظالما يستحق العقاب فكان القول مبنيا على إجرام، ثم القول ذاته إجرام، لأنه تهجم بالكذب على مقام الرسول المبعوث لهم، ثم هم قالوا هذا القول، وقد قامت البينات على صدق رسالته وعلى أنه لم يمت، وقوله (رَسُولَ اللَّهِ) أهي من مقول اليهود أم هي من وصف الله تعالى لمن قالوا فيه؟ يجوز الأمران، وعلى الأول يكون كلامهم فيه نوع من السخرية بالرسالة والرسول كأنهم يقولون إن الله تعالى لم يحمه منهم، وعلى الثاني يكون المعنى أنهم قالوا فيه ما قالوا، وأرادوا به ما أرادوا، وقد قامت الأدلة على أنه رسول الله، وسينزل بهم العقاب على ما فعلوا وأرادوا وقالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>