للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ) مغبة عملكم عليكم، ومثوبة عملي لي وإني بريء مما تعملون وتكررون عمله آنًا بعد آنٍ وتجددونه تجددا مستمرا، وقد أعذر من أنذر وقد أنذرتكم وشددت النذير ووعظتكم أحسن الوعظ وتلوت عليكم آيات بينات فيها سبيل العمل الصالح وتكوين الجماعة الفاضلة فإن استجبتم فقد أحسنتم لأنفسكم، وإن كذبتم فعليكم تبعات ما تعملون، كما قال اللَّه تعالى: (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦).

(وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) كل إنسان وما يعمله، لَا يؤاخَذ - صلى الله عليه وسلم - في كفرهم هو بريء منهم ومن أعمالهم، ومع هذا يبرأ إلى اللَّه من أعمالهم تنزيها لنفسه عن أن يشرك أو يرضي عن شركهم المستمر المتجدد، وقد عبر بالمضارع؛ لأن أعمالهم الفاسدة متجددة مستمرة التجديد.

ْفى المسلك الذي أمر اللَّه تعالى نبيه أن يسلكه إرشاد حكيم للعصاة وإيئاس لهم من أن يكون معهم، بل فيه دعوة إلى الاقتداء به في عمله، وفيه إشارة إلى فساد أعمالهم، والمُفسد إذا رأى عمل المُصلح تأثر بعمله، بل إن ذلك أشد ثأثيرا من قوله وأفعل في النفس وأدعى للتأمل، واتجاه النفس إلى ما في ثناياها، وربما اهتدت، وأنها لو فوض أمرها إليها قد يكون الخوف فيها، وأنه إذا داخل الجاحد الخوف من مغيب عنه سار في طريق الهداية.

إن هؤلاء المشركين عقولهم غائبة عن الحق سائرة في الضلال غافلة عن دعوة الداعي إلى النور، وقد قال تعالى في بيان غفلتهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>