للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا) قسمان متقابلان أحدهما يبلغ الغاية من الأمانة، فيعطيها عند طلبها مهما تكن قيمتها، ومهما تكن نفاستها، وعبر عن الكثرة بالقنطار من الذهب، ولم يذكر كونه من الذهب؛ لأنه مفهوم من السياق؛ لأن الدينار لَا يكون إلا من الذهب، فلا بد أن يكون القنطار الذي يكون في يد الأمين من الذهب، وهذا القسم الذي يكون على هذا القدر من الأمانة هو الذي يجيب داعي الحق ويؤمن به إذا دُعِي إليه، لأن التسليم بالحق في الماديات التي تصورها الأمانة لَا ينشأ إلا من ينبوع النفس التي تؤمن بالحق في المعنويات، بل إن هذا في الحق ينتهي إلى معنى الأمانة، لأن نصر الحق والإذعان له بعد قيام الدليل عليه نوع من الأمانة، إذ إن الله سبحانه أودعنا هذه القوى المدركة لنجعلها للحق وللنفع، فذو العلم عليه أن يؤدي أمانة العلم، وذو المال عليه أن يؤدي أمانة المال، ومن قام بين يديه الدليل على صدق دعوة إلى الحق لَا يكابر ولا يماري، وكانت الأمانة أن يعلن تلك الحقيقة ويناصرها ويؤيدها، ولذلك قال كثيرون من العلماء: إن الأمانة

<<  <  ج: ص:  >  >>