بين الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة استهانة بعض أهل الكتاب الذين عاصروا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحق وتلبيسهم الحق بالباطل، وكذبهم وافتراءهم على النبيين وعلى رأسهم أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ثم بين تعصبهم، وحرصهم على أن يظهروا بين الناس بأن الهداية في حوزتهم وحدهم، وأن الناس ما عداهم دونهم، ثم ذكر ما يتوَاصَوْن به فيما بينهم من النفاق بأن يؤمنوا أول النهار ويكفروا آخره، لعلهم يفسدون بذلك عقائد المؤمنين؛ وهكذا مما يدل على فساد اعتقادهم وعدم إذعانهم للحق، وكذبهم فيما يدَّعون.
والكذب والخيانة توْأم، كما أن الصدق والأمانة توْأم، وفساد النفس يترتب عليه فساد العمل، وعدم الإذعان للحق في الاعتقاد يترتب عليه عدم الإذعان للحق في المادة، فإذا كان بعض أهل الكتاب قد كان منهم ذلك النفاق الديني، فإنهم قد بدت منهم الخيانة المادية، ولذا قال سبحانه: