للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَلَا) للتنبيه إلى ما يقوله سبحانه وما يمكن أن يكون دليلا على قدرته القاهرة الموجبة لعبادته وحده، والأمر الجدير بالتنبيه أنه سبحانه وتعالى له من في السماوات ومن في الأرض، وكلمة (مَن) للعقلاء، أي أن اللَّه تعالى يملك العقلاء في السماوات والأرض من ملائكة وجن وإنس، وإن كان يملكهم فهم عبيده، كما قال تعالى: (لَن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيح أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ. . .)، وكقوله تعالى: (إِن كلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)، وإذا كان هؤلاء لحكم الملكية عبيدا فغير العقلاء مثل الأحجار والأبقار أولى بأن يكونوا عبيدا؛ إذ للعقلاء حرية وإرادة واختيار وعقول وفكر ومع ذلك هم عبيد اللَّه بحكم أنه خلقهم وملكهم فليس بجائز أن يكون معبود غير اللَّه تعالى؛ ولذلك قال سبحانه: (وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ) ومؤدى النص الكريم أن الذين يدعونهم، أي يعبدونهم على أنهم شركاء لِلَّهِ تعالى ليسوا شركاء للَّه تعالى في شيء من الشركة التي تقتضي أن للشريك ملكا وأن الشريك نظير لشريكه، وكيف تتحقق هذه الشركة بين خالق كل شيء وبين حجر لَا يضر ولا ينفع، أو بين عبد من عباده هو سبحانه خالقه ومالكه، وكلمة (مَا) نافية، أي لَا يتبع الذين يعبدون غير اللَّه شركاء للَّه تعالى، وكلمة (مِن) بمعنى بدل، وذلك إذ إنهم أشركوا عبادة غير اللَّه مع اللَّه فقد كفروا باللَّه ولم يعبدوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>