للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)

وقوله تعالى: " وإلهكم " بالإضافة إليهم فيه إشارة إلى أن المعبود الذي تعبدونه بحق إله واحد، فالذين تعبدونهم من أوثان وأحجار ليسوا بالهة بل إلهكم الحق الذي يجب أن تعبدوه واحد لَا إله إلا هو، لَا يعبد بحق إلا هو، ولا يمكن أن يسمى غيره من الأوثان باسمه، إنما هي أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطان، فالإله هو الخالق الذي ينفع ويضر، وأنشأ الوجود برحمته، وعمهم بنعمته، ولقد وصفه سبحانه وتعالى بأنه " الرحمن الرحيم " الذي يتصف بالرحمة، وتعتبر صفة من صفاته، وهو الذي يرحم العباد فعلا، وقد بينا معنى الاسمين الكاملين من قبل.

وقد ذكر سبحانه وتعالى هذين الوصفين من بين الأسماء الحسنى؛ لأنهم يحسون بأنهم في آلائه، ورحمته، فهم إذا كانوا في شدة لَا يستغيثون بآلهتهم، وإذا كانوا في ضر لَا يلجئون إلا إليه (أَمَّن يُجيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ معَ اللَّهِ. . .)، ويقول تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢)، ويقول تعالى في بيان حالهم في مأساتهم وشدائدهم وأنهم يضرعون إليه: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤).

فأولئك الوثنيون من العرب كانوا يعرفون الله تعالى ولكن يعبدون أوثانهم، وعندما تشتد الشديدة عليهم يلجئون إلى الله وحده مستعينين طالبين الرحمة من

<<  <  ج: ص:  >  >>