للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠)

(رَبُّنَا) الذي خلقنا ورَبُّنَا الذي قام على شئوننا، وسيَّر أمورنا هو (الَّذِي أَعْطَى كلَّ شيْء خَلْقَهُ)، أي صورته وحاله التي تناسب ما عهد به إليه فهو أعطى كل شيء وجوده وهيأه لما أنشأه لأجله، ولقد قال في ذلك الإمام الزمخشري: " أى أعطى كل شيء صورته وشكله الذي يطابق المنفعة به، كما أعطى العين الهيئة التي تطابق الإبصار، والأذن الشكل الذي يوافق الاستماع، وكذلك الأنف واليد، والرجل واللسان كل واحد مطابق لما علق به من المنفعة غير نابٍ عنه، أعطى كل حيوان نظيره في الخلق والصورة ". والمعنى أنه أعطى كل موجود الصورة التي اختارها سبحانه وتعالى له، وهيأ كل ما فيه من قوى لما أعده الله سبحانه وتعالى له، فكل قوى الإنسان والحيوان صوَّره الله سبحانه لكي يؤدي عمله الذي خلقه الله تعالى له، ثم بعد هذا الخلق تكون الهداية العامة في الحياة وفي الخير وفي الشر، فقال تعالى: (ثُمَّ هَدَى) وكان العطف بـ " ثم " فيه دلالة على البعد بين أصل الخلق والتصوير، وأداء كل عضو مهمته في الحياة وإدراك معانيها، و (هَدَى) أي هدى كل عضو صورة لأداء المنفعة التي خلق لها فهديت العين إلى معرفة الأشياء بالبصر، وهديت الأذن لمعرفة كل ما يعلم عن طريق السماع، وهدى العقل الإنساني إلى إدراك الخيرِ والشر، كما قال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجدَينِ)، وكما قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨).

اتجه فرعون إلى سؤال آخر فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>