للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ).

في الآيات السابقة - كما قلنا - كان ذكر ما ينزل حولهم ثم يصيبهم، فالدمار ينزل حولهم ثم يصيبهم، وهنا ذكر ما ينزل بحواسهم وكيانهم قائم لم ينقص، ففي هذا النص بيان قدرة الله تعالى في أنفسهم وفي أجزائهم وحواسهم، وامتلاكه لهذه المداخل التي تكون إدراكهم وهي السمع والبصر والفؤاد؛ كما قال تعالى في آية أخرى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١).

ومعنى أخذ الله سمعهم وأبصارهم والختم على أفئدتهم، أن يصبحوا لَا يسمعون حقيقة ولا يبصرون حقيقة، ولا يفقهون فيسلبهم سبحانه الفهم والإدراك، وواضح أن أخذ السمع والبصر يكون بعدم السماع والإبصار؛ لأن هاتين الحاستين تسمعان وتريان، وأخذهما فَقْدُ عملهما - ولكن الأفئدة شيء يخفى لَا يؤخذ بل هو باق، ولكن يغشى عليه، فليس الجنون ذهاب العقل، وإنما الجنون ستر العقل فلا يدرك الأمور على وجهها، ولذلك عبر عن فقد الإدراك بالجِنة؛ لأن العقل يُستر ولا يذهب كما يذهب السمع والبصر؛

<<  <  ج: ص:  >  >>