للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنه كما ملَّك الله تعالى عبيده كل ما في الأرض لكُلِّهم عاملين فيه جادين، سخر لهم ما في السماوات والأرض؛ ولذلك قال تعالى بعد أن ذكر نعمة الأرض عليهم بما فيها، قال تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبعَ سَمَوَاتِ وَهُوَ بكلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

استوى معناها قصد مرتفعا، أو ارتفع إلى السماء، وهي في هذه الآية ما علا، وكان كالسقف المحفوظ، فسوى السماوات سبعا أي جعلها سبعا؛ ولأن السماء، وهي الجهة العالية، كما أشرنا واحدة في لفظها متضمنة السبع التي سواهن الله سبحانه وتعالى في معناها؛ ولذا أعاد الضمير عليها بما يدل على الجمع الذي يشمل أفرادا متعددين.

والمراد من السماوات السبع التي سواهن الله تعالى أي خلقهن، أو قسمهن وجعلهن سبعا متساوية، فمعنى سواهن: قسمهن بالتسوية سبعا، وهي مجموعات النجوم المتطابقة طبقة بعد طبقة، الواحدة أعلى من الدنيا وهكذا.

وكان الشائع بين علماء الفلك خمسا، لَا سبعا، ولكن بعد عصر القرآن بنحو أربعة عشر قرنا إلا قليلا كشفوا بآلات الكشف الحديثة نجمين كوكبين دلا على أنها سبع، وهي: عطارد، والزهرة، والمريخ، والمشترى، وزحل، وكشف أورانوس ثم نبتون، وكل كوكب في طبقة من السماء، والشمس والقمر ليسا من السبع، وهذا قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا)، فبمقتضى هذا النص تكون الشمس والقمر ليسا من السماوات السبع اللائي عدهن القرآن الكريم، وإن كانتا في السماء، وتسمى السبع المجموعة الشمسية، والشمس في طبقة أعلى منهن.

وإن قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ)، يدل بظاهره في العطف بـ ثم على أن السماوات سويت سبعا بعد خلق الأرض، ولكن لَا يدل على

<<  <  ج: ص:  >  >>