وإن المصريين قد قالوا هذا المعنى مواجهين موسى - عليه السلام - وعبر عنه بذلك التعبير العربي، وكأنه ترجمة لتعبيرهم في لغتهم.
ولقد أجابهم بقوله كما حكى القرآن الكريم:(إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عندَ اللَّهِ)، أي إن ذلك قضاء الله تعالى وقدره فيكم. وعبر عنه بطائركم تشبيها للقدر المحتوم بالطائر المشئوم؛ لأنه في معناه لاحق بهم، فإن تَعُدُّوه شؤما فهو من سوء عملكم، وختم الآية بقوله تعالى:(وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُون) أي لَا يعلمون أن كل شيء عند ربك بمقدار، فيتشاءمون؛ ولذا نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الطيرة، وقال:" لا عدوى ولا طيرة "(١) أي لَا عدوى إلا بإذن الله تعالى العلي القدير.
ومع أن الله تعالى قد ابتلاهم (بالسِّنِينَ وَنَقْصٍ منَ الثَّمَرَات لَعَلَّهُم يَذَّكَّرُونَ) ويطمئنون إلى الله الذي هو منشئ العالم، وأنه ليس لفرعون أَية ألوهية، ومع ذلك أصروا على كفرهم، ورموا موسى بأن هذا الابتلاء سحر يسحرهم به موسى، وأنهم لَا يؤمنون؛ ولذا قال الله تعالى عنهم:
(١) متفق عليه؛ رواه البخاري: الطب - الفأل (٥٧٥٦)، ومسلم: السلام - الطيرة والفأل (٢٢٢٤)، وتتمة الرواية: " ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة ".