للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتمام الكلمة إحكامها بحيث لَا تتغير، ولا تتبدل، ولا تتخلف، وكلمة اللَّه تعالى هي أمره الذي ظهر في قوله. وفي الكلام قسم مطوي دلت عليه اللام في (لأَمْلأَنَّ) فهي لام القسم، ونون التوكيد ملازمة للقسم فهي أيضا دالة عليه، وقوله تعالى: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).

(مِنَ) هنا لبيان من يملأ منهم، و (الْجِنَّةِ) الكلام على تقدير العصاة أي من عصاة الجن، وعصاة الإنس، والجِن عبر عنهم بالجِنة، والإنس عبر عنهم بالناس كما في قوله تعالى: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).

وقدر عصاة الأمرين:

الأمر الأول: أن الجزاء بجهنم كما في عرف القرآن، وكما هو العقل - يكون للعصاة.

الأمر الثاني: أن الناس مختلفون، فذكر اللَّه تعالى أهل الطاعة، وتفضل عليهم برحمته، فقال فيما سلف (إِلَّا مَن رَّحِمَ) والمخالفون لهم هم العصاة، وكان بمقتضى التقسيم أن تكون لهم جهنم، وقد تأكد أنهم يملأونها.

وعلى ذلك تكون كلمة (أَجْمَعِينَ) تأكيد، بأن العصاة كلهم سيدخلون جهنم، وتمتلئ بهم لَا يفر منها جبار، ولا نافخ نار.

وإذا أريد جنس الجنة، وجنس النار يكون الظاهر، أنه لَا ينجو من أحد الجنسين أحد، ويكون التأكيد لبيان أنه يستوي الجنسان، في ألا يغادرها أحد، كما تقول ملأنا الحقيبة من أوراق امتحان الشريعة، والمدني والجنائي، جميعا، أي فيها الأصناف جميعا غير متخلف بها صنف من هذه الأصناف.

ولا شك أن التقدير الأول أظهر وأبين، وسياق القول يقتضيه، ولقد روي في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>