الله تعالى وقيامه على كل شيء، وفي " الليل تبدو الكواكب والنجوم، وتظهر آيات ذلك النظام العجيب المحكم الذي يسيره سبحانه بقدرته وحكمته.
(وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَي) هذا مظهر كوني حسي يدل على عظيم قدرة الله، وبيان أنه لَا إرادة في هذا الكون غير إرادته، وأنه القادر على كل شيء، يخرج الضد من ضده، وهو المبدع لكليهما، المسير لهما؛ فالله سبحانه يخرج الحيَّ من الميت، ويجعل من هذا الحيّ الذي أخرجه ميتا؛ وإخراج الحيّ من الميت ليس هو الخلق الأول الذي ذرأ الله به الأحياء، وهو خلق آدم من طين، فإن الخلق غير الإخراج؛ إذ الخلق إبداع وإنشاء ابتداء، والله هو الخلاق العليم، ولا خالق سواه، والإخراج تحويل فيه معنى الاستخراج والتوليد؛ وإخراج الله الحيّ من الميت قال بعض العلماء وهم الأكثرون: إنه إخراج الجسم النامي الذي يسير في مدارج الحياة، من الجسم الجاف الذي لَا تبدو فيه حياة، كإخراج الشجرة من النواة، والعود من البذرة؛ وإخراجُ الميت من الحي هو أيضا إخراج النواة الصلبة من الجسم الحيّ النامي، وإخراج البذرة الجافة من العود الحي الرطب. وقد يعترض على ذلك بأن النواة الجافة والبذرة الصلبة فيها حياة تولدت عنها تلك الحياة المحسوسة للنبات، وكذلك النطفة التي تبدو سائلا ليس فيه حياة فيها أحياء تتوالد فتكون ذلك الحيوان المحسوس. وقد يجاب عن ذلك بأن ذلك اصطلاح علمي، وإن الحياة التي تعرفها اللغة مظهر ذلك النماء المتدرج المستمر.
وفى الحق إن إخراج الحيّ من الميت أمر محسوس مرئي كل يوم؛ فإن تلك الشجرة أو ذلك العود النامي يتغذى من الهواء والضوء والماء والتراب، وكلها جماد لا حياة فيها، وما يتم التحول المتدرج في الحياة إلا بتلك العناصر التي هي غذاء الحي، فهي إخراج الحي من الميت، وليس المراد من الميت من كانت به حياة ثم انتهت، إنما الظاهر من كلمة الميت هو ما لَا حياة فيه؛ وإن إخراج الميت من الحي أمر واضح لَا مجال للشك فيه؛ فهذا العود الأخضر يصير حطاما، وهذا الجسم الحيواني يتحلل فيكون رميما ثم يكون ترابا.