للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخر يعبده ويؤمن به، فإنه الفاعل المختار المريد، ويكون القصد بيان قدرة الله تعالى الشاملة، وإثبات أن كفر الكافر ليس بعيدا عن تقديره، وإيمان المؤمن كذلك، فهو الذي خلق الإنسان صالحا لأن يسلك طريق الشر وطريق الخير، وأن ذلك بإرادته، ولو أراد غيره لكان ما أراد لأنه هو الذي يقول للشيءكن فيكون، وهو الذي خلق الملائكة الذين لَا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ويكون ذلك كقوله تعالى: (إِن يَشَا يُذْهِبْكُمْ وَيَأتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ).

وعلى التوجيه الثاني - وهو أن يكون الخطاب للمشركين الكافرين بالرسالة المحمدية والمسلمين الذين يكونون على طرف الإسلام - يكون المعنى إن استمررتم على الشرك أو كان منكم الكفر بعد الإيمان، فإن الله تعالى بمقتضى سننه في الفطرة الإنسانية يفنيكم بإذهاب قوتكم وسيطرة الفساد عليكم، ويجيء من بعدكم من ينصر الحق، ويكون النص كقوله تعالى: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدلْ قَوْمًا غَيْرَكُم ثمَّ لا يَكونوا أَمْثَالَكُمْ)، وكقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، وقد ذيل الله سبحَانه النص الكريم ببيان قدرته الكاملة على ذلك التغيير، فقال تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا) أي أن الله سبحانه وتعالى قدير على ذلك التغيير والتبديل الذي تستغربونه وتستبعدونه، وقد قدم الجار والمجرور وهو قوله (عَلَى ذَلِكَ) لموضع الاهتمام وهو التغيير والتبديل، الذي يستبعدونه لفرط إحساس المشركين بقوتهم، وغرورهم بدولتهم، واستضعافهم لشأن المؤمنين الصادقين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>