للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلب لَا يستطيعون أن يستردوه منه، فهو القادر عليها، و (يَسْتَنْقِذُوهُ)، السين والتاء للطلب، أي لَا يستطيعون بأكثر جهد وطلب أن ينقذوه منه؛ لأنها لَا قوة لها في أي ناحية، فهي جماد لَا يتحرك، ولكن الوهم هو الذي جعل لها قوة في نظرهم الذي لَا يبصر، وَسَوَّل لهم الشيطان عبادتها.

ونقف هنا وقفة قصيرة، فنسأل الذين ينكرون وجود اللَّه، وهم ملاحدة هذا الزمان الذين يحسبون إلحادهم يقوم على فلسفة عقلية: لقد اختبرتم الكون وعلمتم علمه، وعرفتم النواميس التي خلقها اللَّه، وإن كنتم تحسسبونه ظواهر للأشياء، وعلوتم إلى داخل الفضاء حتى وصلتم إلى القمر وإلى المشترى، وعلمتم تكوين الأشياء وأجزاءها وعناصرها، فهل استطعتم أن تخلقوا ذبابة، إن للَّه في كل شيء آية، فآمنوا به ولا تنكروه.

لم تستطع آلهتهم أن تستنقذ ما يسلبه الذباب، ولو بذلت أقصى الجهد إن كان لها جهد، ولذا قال تعالى: (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)، (الطَّالِبُ) هو الأوثان فإنها لَا حياة فيها ولا قوة لها، (وَالْمَطْلُوبُ) وهو الذباب فهو حيوان ضعيف يستحقر في أعين الناس ولكنه مخلوق للَّه يضرب به المثل، كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا. . .)، فسر بعض السلف الطالب بالعابد والمطلوب بالصنم، فضعيف الفكر والعقل والإدراك يدعو ضعيفا في ذاته لأنه جماد، وكلا الرأيين معقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>