للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدلا من الأموال التي اغتصبها المشركون منهم وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم بغير حق، ومن المقرر في قانون العدل والإنصاف أن من ظفر بعين ماله أو بمثله ممن اعتدى عليه واغتصبه كان له أن يأخذه، فلا يذهب حق صاحب الحق هدرا، ولأن المشركين إذ أهدروا حقوق المسلمين وأموالهم واستباحوا دماءهم، فقد أباحوا دماء أنفسهم، وأموالهم وما على المؤمنين من سبيل إن استباحوها، فذلك قانون الحرب بسبب العداوة والبغضاء التي آثارها المشركون.

كان المؤمنون بالناحية القريبة من المدينة، وكانت العير أسفل عند سيف البحر، وقد كان ذلك لقاء بغير تدبير كامل مقدر مقصود، بل هو لقاء توفيقي من الله تعالى.

وقد جاء في سيرة محمد بن إسحاق " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دنا من بدر علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام في نفر من أصحابه يَتَحَسَّسُون له الخبر، فأصابوا سقاة لقريش غلاما لبني سعيد بن العاص، وغلاما لبني الحجاج، فأتوا بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدوه يصلي، فجعلوا يسألونهما: من أنتما، فيقولون: نحن سقاة لقريش، بعثونا نسقيهم من الماء، فكرهوا خبرهما، فضربوهما حتى أزلقوهما، قالا: نحن لأبي سفيان فتركوهما، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش: أخبراني عن قريش، قالا: هم وراء الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كم القوم؟ قالا: كثيراً، قال: ما عدتهم لهم؟ قالا: لَا ندري، قال: كم ينحرون كل يوم؛ قالا: يوما تسعا ويوما عشرا، فقال رسول الله) - صلى الله عليه وسلم -: عدتهم ما بين التسعمائة إلى الألف.

هذا خبر يؤكد نزول جيش المشركين بالعدوة القصوى على كثيب من الأرض، والمؤمنون بالعدوة الدنيا، وهنا نجد سؤال الزبير وسعد وعليّ كان على العير، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان - وهم - خارجا للعير، ولذلك كذبا الغلامين إذ لم يخبراهما عن العير الذي كان بحراسة أبي سفيان، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن قريش.

<<  <  ج: ص:  >  >>