رَسُولًا)، والنعمة الثانية عبر سبحانه عنها بقوله تعالت كلماته:(وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا).
ويلاحظ أنه في النعمة الأولى قرر سبحانه وتعالى أنه جعل فيهم أنبياء، أي جعل بعضا منهم أنبياء، أما النعمة الثانية، فقد قال سبحانه:(وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا) أي لم يجعل الملك في بعضهم، بل جعلهم جميعا ملوكا، ولقد أوّل ذلك بعض العلماء بأن المراد جعل فيهم زعماء منهم مسيطرين على أمورهم، موجهين لشئونهم، كما طلبوا ذلك من بعد، فقد قال الله تعالى عنهم:
والمراد أن يبعث عليهم كبيرا يتبعونه في القتال، ويظهر أن ذلك كان منهم من بعد موسى ومن قبله، والقائد إذا كان من الشعب أو من الجماعة كانوا جميعا ملوكا ومسيطرين على أمورهم، لأنه ينفذ إرادتهم، ويسير مع إحساسهم، ويعمل لمصلحتهم ماظهر منها وما بطن.
وقد يفسر الملك بأنه خروجهم في عهد موسى من ربقة العبودية التي فرضها عليهم فرعون، فقد صارت لهم إرادة حرة، وتوجيه لعامة أمورهم، واختيارهم لحكامهم، وبذلك صاروا ملوكا، وفوق ذلك قد أوتوا رغد العيش وصاروا أحرارا في بيوتهم، بعد أن كان فرعون يذئح أبناءهم، ويستحيي نساءهم، وفي الآثار أن الرجل إذا كان له ما يكفيه وأهله بالمعروف كان ملكا. سأل رجل عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها؛ قال: نعم، قال ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء،