للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم تظلم في رغباتها العادلة، أدى ذلك إلى الطهر والعفاف؛ فإن احترام النفس صون وعفاف، وامتهانها نقيض ذلك؛ لأن النفس إذا أكرهت جمحت، وإذا جمحت لم ترتبط برباط من الحكمة والصون والعفاف، بل إنها إذا جمحت عميت، فلا تدرك خيرًا ولا شرًّا. ولقد روى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إن للقلوب شهوات، وإقبالا وإدبارًا، فأتوها من قبل شهواتها وإقبالها، فإن القلب إذا أكره عمى) ولا عفة ولا طهر عند عماية القلوب.

ولقد قال سبحانه: (ذَلِكُمْ) بضمير الجمع، وغيَّر النسق؛ للإشارة إلى أن حماية المرأة من الهوان ومنع التضييق عليها في اختيار زوجها، إن كان الاختيار في دائرة المعقول - حق على الجميع، وفائدته للجميع.

ولقد ذيل سبحانه الآية الكريمة بقوله: (وَاللَّه يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) للإشارة إلى أن شرع الله تعالى فيه النفع الدائم، والمصلحة الحقيقية، والنتائج المرضية؛ لأنه شرع من يعلم كل شيء ولا يجهل شيئا، وليس للناس أن يتمردوا عليه، أو يخالفوه، أو يهونوا مخالفته في أنفسهم بدعوى أنهم يرونه في الظاهر مخالفًا للظاهر من مصلحتهم؛ فإن ما يدركونه مصلحة ليس بمصلحة في ذاته إذا جاء نص الشرع القاطع على خلافه؛ لأن علم الإنسان قاصر، وعلم الله وحده هو الكامل؛ فلنتبع شرع الله، ولا نُحكِّم الهوى في نصوص الكتاب، ولنَحْثُ التراب في وجوه الذين يحاولون مخالفة النصوص الصريحة القاطعة بدعوى أن المصلحة في خلافها؛ لأنه لَا توجد مصلحة قاطعة تخالف نصًا قاطعًا؛ إنما هي أوهام، وعقول خاضعة لأزمان محكومة بالشر المتكاثف، حتى حجب النور؛ ولنقل لهم إن شرع الله هو المصلحة: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>