للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولهما: لماذا كان المهر في الزواج من جانب الزوج؟

والثاني: ولماذا وجب النصف أو ما في معناه، وهو المتعة إن حصل الطلاق قبل الدخول؟

والجواب عن السؤال الأول: أن المهر شرع في الزواج على أنه ثمرة من ثمرات العقد، وأثر من آثاره، وليس ركنا من أركانه، وليس شرطاً من شروطه، فليس هو كالثمن في البيع كما فهم بعض الذين لَا يفقهون المعاني الشرعية على وجهها، وشرعيته على أنه هدية واجبة من الرجل لزوجته، لأن المرأة إذ تنتقل من بيت أبيها إلى بيت زوجها، تستقبل حياة جديدة، وهي تحتاج في سبيلها إلى ثياب، وزينة وعطر وغيرها بالقدر الذي يليق بحالها، فكان من اللازم أن يقوم لها الزوج ببعض ما يعينها على ذلك، ولذا أوجب الله لها المهر، وأوجب العرف أن يقدم بعضه على الزفاف إليه.

وقد جرى عرف الناس على أن المرأة هي التي تعد أثاث البيت، وما يحتاج إليه من فراش، فكان من الواجب أن يعينها الزوج على ذلك ببعض المال يقدمه، فكان هو المهر، أو بعبارة أدق معجلة.

وإن تقديم المهر من جانب الرجل هو النظام الفطري، لأن الرجل هو الكادح العامل الكاسب للمال. وقد خالفت أوربا ذلك النظام الفطري، فجعلت المرأة تقدم مالاً، هي، فكانت الفتاة تسعى إليه، فتتعثر فطرتها، وتنحرف عن الفضيلة، وتقع في حمأة الرذيلة قبل أن تصل إلى المال الذي تعده لخطيبها، فكان ذلك جزاء كل جماعة خالفت فطرة الله التي فطر الناس عليها.

هذا هو الجواب عن السؤال الأول، أما الجواب عن السؤال الثاني، وهو يتعلق بالسبب في وجوب النصف بدل الجميع عند الطلاق قبل الدخول، فنقول: إن إعطاء نصف المهر أو المتعة من قبيلِ التسريح بإحسان كما أشرنا من قبل، وقد قال تعالى (وَسَرِحوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا)، وإن التفرقة قبل الدخول تجرح

<<  <  ج: ص:  >  >>