للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل لفظ يذكره، ويعبد الله بهذه العبادة، كأنه يرى الله سبحانه وتعالى، ويتوالى ذلك في كل صلواته عامة النهار، أو أطرافًا من النهار وزلفًا من الليل، فإن كانت صلاته كذلك كان مُحِسّا برقابة الله تعالى، ومن أحس برقابة الله لَا يعصيه؛ ولذلك قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ]. .). وقال عليه الصلاة والسلام: " الصلاة عماد الدين " (١).

وبعض المفسرين يفسر إقامة الصلاة بالمداومة عليها من غير تقصير، وبعضهم يفسرها بالمسارعة إليها عند النداء بها، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ. . .)، وبعضهم يفسرها بالسعي إليها عند إقامة الجماعة فيها، ولكن يَرُدُ ذلك ما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بأن يمشوا إليها في سكينة وو قار.

وإن التفسير الأول للإقامة هو الأوضح البين، والمعاني الأخرى تدخل في ضمنه، أو تقتضيها.

وبعد أن بين الله تعالى الوصف الذي يترتب على التقوى، والإيمان بالغيب، ذكر وصفا آخر عمليا ونفسيا، فكل ما يذكره الإسلام من تكليفات، وصفات للمؤمن، لاينظر فيها إلى ناحية العمل فقط، بل ينظر فيها إلى ناحية العمل والباعث عليه، والنية التي هي طهارة النفس؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنَّما الأعْمَالُ بالنَياتِ وإنما لِكُلِّ امرِئٍ ما نَوى " (٢).

الوصف العملي النفسي ما عبر عنه سبحانه وتعالى بقوله: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ينفِقُونَ) وفي هذا الوصف بيان أن الخير الذي يكون بالصلاة في الضراعة إليه


(١) رواه البيهقي في شعب الإيمان عن عمر - رضي الله عنه.
(٢) صدَّر به البخاري صحيحه كتاب بدء الوحي (١)، كما رواه البخاري في الأيمان والنذور باب النية في الأيمان برقم ٦١٩٥ ومسلم في الأمارة (١٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>