للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتوفون ويذرون أي يتركون أزواجًا، والمراد الزوجات؛ لأن كلمة الزوج تطلق على الذكر والأنثى - فرض الله وصية لهؤلاء الزوجات متاعًا أي انتفاعًا مستمرًا إلى نهاية الحول، أي حتى يحول الزمن ويجيء الوقت الذي مات زوجها فإيه (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) أي ينتفعن بالإقامة في مسكنهن الذي كن يسكن فيه في حياة أزواجهن من غير إخراج منه؛ ويصح أن يقال غير مُخْرَجَاتٍ منه، فيكون المصدر على معنى اسم المفعول؛ والمؤدى واحد.

وهنا بعض مباحث لفظية نشير إليها:

أولها: كلمة " وصية " فيها قراءتان مشهورتان؛ إحداهما بالفتح، والثانية بالضم؛ وعلى قراءة الفتح يكون تقدير القول: كتب الله وصيةً متاعًا إلى الحول غير إخراج. وعلى قراءة الضم يكون تقدير القول: عليهم وصيةٌ لأزواجهم حال كون هذه الوصية متاعًا إلى الحول غير إخراج، أو لأجل الانتفاع إلى الحول غير إخراج.

ثانيها: إنه عبر بحول بدل سنة؛ للدلالة على التحول حتى تعود الأيام التي كانت فيها الوفاة، ولو قيل إلى السنة مثلا لاحتمل أن ينتهي الانتفاع بالسكن بانتهاء السنة التي حصلت فيها الوفاة، ولو لم يحل الحول، فكان التعبير السامي بالحول نصًا في أن يمر عام كامل من وقت الوفاة.

ثالثها: قوله " غير إخراج " فالمعنى: غير مخرجات، أو يبقيَن في مسكنهن من غير إخراج من ورثة المتوفى لهن؛ والتعبير بالمصدر في هذا المقام هو الأصل، وهو المغزى والمرمى؛ لأن الوصية هي عدم الإخراج؛ فالوصية ألا يخرجن؛ ولذلك كان التعبير بالمصدر هو الأصل؛ وقوله " غير إخراج " صفة لمتاعا، ومتاعا بدل أو عطف بيان لكلمة " وصيةً " على قراءة النصب، وحال على قراءة الرفع، أو تمييز.

رابعها: إن الله سبحانه وتعالى عبر عن حق الانتفاع بالسكنى سنة بعد الوفاة بأنه وصية، وبأنه متاع؛ أما التعبير بأنه وصية، فلأنه حق يثبت بعد وفاة الزوج في ماله لَا على أنه ميراث، بل على أنه وصية أوجبها الله سبحانه وتعالى بموجب الفرقة بالوفاة؛ فهو يثبت من غير أن يكون له أثر في قدر ميراثها في تركة زوجها؛

<<  <  ج: ص:  >  >>