(وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ذيل الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة بهذا للإشارة إلى ثلاثة أمور:
أولها: أن هذه الأمور التي شرعها الله في الأسرة إنما هي بحكمته، وفيها صلاح المجتمع، وإذا كان يسوغ أن تجبر المرأة على الخروج من منزل الزوجية بمجرد وفاة الزوج، فإن ذلك قد يؤدي إلى فساد كبير، وتهزيع للأخلاق؛ ولقد أعطاها الله سبحانه وتعالى ذلك الحق درءا لهذا الفساد ومنعًا له.
وثانيها: إن الله سبحانه وتعالى غالب على كل شيء، وله سبحانه وتعالى العزة في السماوات وفي الأرض، وأن الورثة إن استضعفوا شأن المرأة فمنعوها حقها فالله فوقهم قاهر غالب، وهو مجازيهم بعملهم، وهو ناصر الضعيف.
وثالثها: إشعار النفوس بتذكر الله رب العالمين عندما ينظمون علاقاتهم بعضهم مع بعض، وخصوصًا في شئون الأسرة.
تبين مما سبق أن موضوع هذه الآية الكريمة لَا صلة لها بمدة العدة بالنسبة للمتوفى عنها زوجها؛ لأن هذه الآية الكريمة بألفاظها ومعانيها لَا تلزم المرأة بالتربص والامتناع عن الأزواج مدة معينة كقوله تعالى:(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ. . .)، وكقوله تعالى:(وَالَّذِينَ يُتَوَفَوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَربَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. . .)، إنما تدل هذه الآية على ما للمتوفى عنها زوجها من حق البقاء في بيت الزوجية سنة بعد موت زوجها، وأن لها أن تبقى فيه، وأن تخرج منه على ما تراه مصلحتها ويكون فيه اطمئنانها وقرارها.
وعلى ذلك لَا تكون ثمة معارضة بأي نوع من أنواعِ المعارضة بين هذه الآية وقوله تعالى في عدة المتوفى عنها زوجها (وَالَّذِينَ يُتَوفَوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا. . .)، لأن هذه في بيان العدة، أما الآية التي نتكلم في معناها ففي بيان حق المرأة، لَا بيان الواجب عليها.